في دراسةٍ معني الادمان ودلالاته من منظور إكلينيكي، تم التوصُّل إلي ترجمةٍ مبدئية لما تعنيه هذه الظاهرة من خلال انتشارها بهذا التواتر، ومقاومتها لكل أنواع العلاج:
في الوقت الذي يبدو فيه المدمن “هارباً من…” نتبيَّن أنه “هارب إلى…”، بما يعني أنه في حاجة إلى “معنى”. من واقع استجابة المدمن الأولية للعلاج ومع حسابات البدايات والمآل،
فبالتتبع، لاحظنا أن المدمن يتجه نحو نوع من التماسك من خلال تعتيمه لمستوى سائد من الوعي، ألماً في تفجيره لمستوى آخر، يعد – ولا يفي – بمعنى أكثر شمولاً وأدق توجُّهاً.
يعلن المدمن افتقاره إلى فكرةٍ محورية غائبة.
ومع أن هذه القضية ليست خاصة بالمدمن وحده،
بل يمكن اعتبارها سمة سائدة للحياة المعاصرة، إلاّ أن المدمن يكاد يدرك ذلك فيرفضه،
ويهم لمواجهته فتبوء محاولته بالفشل،
فيرتد أكثر تناثراً وبعداً عن الفكرة الغائبة المحورية. فهو بلجوئه إلى المخدّر (كتحريك كيميائي مفتعل) يكاد يقترب من بعضه البعض، بل ومن الآخر والمجموع.
لكن سرعان ما يفقد التوجُّه المحوري نظراً لعجزه الشديد والواضح من المثابرة،
ونتيجة لطبيعة التصنُّع والافتعال في محاولة لم يتوفر لها الدافع الطبيعي،
والغاية الضامة. فالمدمن يعلن الافتقار إلى الفكرة المحورية،
وفي نفس الوقت يهم بتعويض ذلك، إلا أنه يقع في اتباع أسلوب كيميائي متعجِّل سرعان ما يقوّض تلك الفكرة المحورية من البداية.
يلوِّح الإدمان بإبداع يعد بالكشف، لكن ذلك سرعان ما يقود الفرد إلى التورط. فمن خلال الافتقار إلى المعنى والبدايات المتجهة إلى الفكرة المحورية،
يبدو للمدمن في مساحةٍ ما من وعي غائر أنه “باللعب الكيميائي”.
في مساحات الوعي المتبادلة، يمكن إجراء محاولة إعادة تنظيم الذات على مستوى أعلى (إبداع)، إلا أن هذا في أغلب الأحيان يتكشف عن وعي كاذب.
يهدف الإدمان إلى إخماد الحاجة إلى الآخر (بقدر ما تذل وتكلف). فبرغم دفء مظاهر التواصل الملحوظ بين أفراد فئات المدمنين،
نتبيّن قصر عمر هذه المشاعر وعدم جدواها في النهاية، اللهم إلاّ في تسهيل التقمُّص والاعتماد على منطق جماعي يبرّر اختيار هذا الحل (الإدمان) على مستوى ما من مستويات الشعور.
فالحاجة إلى الآخر عند المدمن تتحرك في إلحاح (ربما أكثر من الشخص العادي)،
وتعلن شروطها الواقعية التي لا يتحمَّلها المدمن،
فيلجأ إلى هذا “التسهيل الكيميائي” تغافلاً عن الشروط من ناحية،
وتسهيلاً للاندفاعية نحو الآخر من ناحية أخرى، لكن ذلك كله أو أغلبه سرعان ما ينكشف خواؤه باختبار الواقع، وتحديات المثابرة وهو بذلك يحقق انتماءاً سهلاً سريعاً، لكنه سطحي عابر.
تُعتبر مشكلة الإدمان مشكلة عالمية ذات جوانب متعددة، ولا تنجو من ذلك أية دولة سواء كانت متقدمة أو نامية.
وبالرغم من الجهود المحلية والعالمية التي تُبذل في مواجهة هذه المشكلة ضمن الاهتمام العام بالصحة الفردية والمجتمع،
فإن مشكلة الإدمان في تفاقم مستمر حتى بلغ عدد المدمنين – كما ورد في بيان لهيئة الصحة (2010) حوالي 250مليوناً في كافة أنحاء العالم.
يهدف الإدمان إلى إخماد الحاجة إلى الآخر (بقدر ما تذل وتكلف). فبرغم دفء مظاهر التواصل الملحوظ بين أفراد فئات المدمنين، نتبيّن قصر عمر هذه المشاعر وعدم جدواها في النهاية، اللهم إلاّ في تسهيل التقمُّص والاعتماد على منطق جماعي يبرّر اختيار هذا الحل (الإدمان) على مستوى ما من مستويات الشعور.
فالحاجة إلى الآخر عند المدمن تتحرك في إلحاح (ربما أكثر من الشخص العادي)، وتعلن شروطها الواقعية التي لا يتحمَّلها المدمن، فيلجأ إلى هذا “التسهيل الكيميائي” تغافلاً عن الشروط من ناحية، وتسهيلاً للاندفاعية نحو الآخر من ناحية أخرى، لكن ذلك كله أو أغلبه سرعان ما ينكشف خواؤه باختبار الواقع، وتحديات المثابرة وهو بذلك يحقق انتماءاً سهلاً سريعاً، لكنه سطحي عابر.
الأسئلة الشائعة
مقالات ذات الصلة