اضطراب الشخصية المازوخية

اضطراب الشخصية المازوخية

هل تعرف ما هو اضطراب الشخصية المازوخية؟ المازوخية أو المازوشية هي مرض نفسي جنسي يتميز برغبة الشخص في الشعور بالألم أو الإذلال، مما يوفر له نوعًا من المتعة أو الإثارة، وغالبًا ما يرتبط هذا الاضطراب بمشاعر عميقة بالذنب أو تدني القيمة الذاتية للشخص، وقد يؤثر هذا الاضطراب بشكل سلبي على العلاقات الاجتماعية سواء للرجال أو النساء، وهناك مجموعة من الأبحاث تؤكد أن اضطراب المازوخية الجنسية قد يصيب ما بين 1% و5% من السكان بشكل عام.

نظرة تاريخية على المازوخية

في عام 1886، أطلق الطبيب الألماني ريتشارد فون كرافت إيبينغ مصطلحي المازوخية والسادية في عالم الطب، وذلك بناءً على تحليله لحالات نفسية معينة، ويوضح كرافت إيبينغ أن مفهوم المازوخية والسادية لا يقتصر على العنف والألم، بل يشمل أيضًا الرغبة في السيطرة والخضوع.

وقد أكد سيغموند فرويد، المعاصر لكرافت إيبينغ، على وجود المازوخية والسادية معًا في نفس الشخص، واصفًا هذه الظاهرة بـ”السماقية“، ووسع فرويد فهم المازوخية، مضيفًا إليها تصنيفات فرعية أكثر تفصيلًا.

وقد قال إن الشخص المازوخي الابتدائي يرفض بشكل قاطع أي ممارسات سادية، ويعتقد فرويد أن الرفض التام للسادية في المازوخية الابتدائية قد يكون مرتبطًا بخوف من الموت، بينما في المازوخية الثانوية، يكون الرفض أقل، ولكن يميل الشخص أيضًا إلى رفض العذاب المتكلف.

ما هو اضطراب الشخصية المازوخية وما هي أنماطه؟

ما هو اضطراب الشخصية المازوخية؟ الماسوشية هي حالة نفسية تتصف بتخيلات أو سلوكيات جنسية تعتمد على الاستسلام للألم أو العنف لتحقيق المتعة الجنسية، وقد تصل إلى حد الإيذاء الذاتي، وهناك مجموعة من أنماط الشخصية المازوخية وهي كما يلي:

النمط الوصف
المازوخي القوي: المازوخي القوي يتباهى بعدم أنانيته، ويستمتع بتعذيب نفسه، ويقدم نفسه على أنه قديس، ويتوقع من الآخرين أن يروه كذلك، ويحب الشكر والثناء.
المازوخي الفاضل: يظهر المازوخي الفاضل تضحيات كبيرة، ويتوقع امتنانًا مقابل ولائه وإحساسه العميق بالمسؤولية، مما قد يدفعه إلى تجاهل احتياجاته الشخصية.
المازوخي المتملك: تسعى هذه الشخصية إلى السيطرة على الآخرين من خلال إظهار تضحيات كبيرة، مما يخلق علاقات غير متوازنة مبنية على الغيرة والحماية المفرطة.
المازوخي المعطل للذات: هذه الشخصية تحول النجاحات إلى سموم، والهزائم بالنسبة لها مناجم ذهب، وتستقبل المصائب بترحاب، وتحب الحصول على المزيد من المعاناة.
المازوخي المضطهد: يستخدم المازوخي المضطهد معاناته كوسيلة للسيطرة على الآخرين أو لتجنب المسؤولية، ويتحمل مسؤولية الآخرين للحصول على المشقة.

أسباب اضطراب المازوخية

هناك مجموعة من العوامل النفسية والبيئة والوراثية التي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة باضطراب الشخصية المازوخية، وهي كما يلي:

دور الطفولة في تطور الاضطراب:

غالبًا ما ترتبط تجارب الطفولة الصعبة، مثل الإساءة الجنسية أو الجسدية بتطور اضطراب المازوخية، حيث يمكن أن تؤدي هذه التجارب المؤلمة إلى اضطرابات نفسية وجنسية لاحقًا.

العوامل النفسية:

  • آليات الدفاع النفسي: الأطفال الذين يتعرضون إلى تجارب طفولة صعبة قد يلجون إلى آليات دفاع خاطئة، مثل الانسحاب والوحدة، مما يدفعهم إلى السلوكيات المازوخية.
  • انخفاض تقدير الذات: من أهم سمات المصابون باضطراب المازوخية أنهم يشعرون بانخفاض حاد في تقدير الذات، مما يدفعهم إلى البحث عن طرق مؤذية لتأكيد قيمتهم، وهذه يكون سبب الإصابة بالاضطراب.
  • التعلق غير الآمن: التعلق الغير أمن في مرحلة الطفولة يزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية المازوخية.

العوامل البيئية:

  • التربية القاسية والإهمال: قد تساهم أساليب التربية القاسية، مثل فرض السيطرة المفرطة أو الإهانة، في زيادة خطر الإصابة باضطراب المازوخية لدى الأطفال.
  • التعرض للعنف: التعرض للعنف الجسدي أو الجنسي في مرحلة الطفولة بأي شكل من الأشكال يزيد من خطر الميل إلى العنف الجنسي.
  • الصدمات النفسية: الضغوط النفسية المستمرة، مثل المشاكل المالية، قد تساهم في تفاقم اضطراب المازوخية أو حتى تزيد من احتمالية حدوثه.

العوامل الوراثية:

  • الاستعداد الوراثي: تمثل الوراثة دورًا فعال في الإصابة بالاضطرابات النفسية والجنسية، فإذا كان هناك تاريخ مرضي في العائلة يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة.
  • دور الجينات في تنظيم استجاباتنا للألم والضغوط: الجينات تنظيم كيفية استجابتنا للألم والضغوط، وقد يكون هناك اختلافات جينية تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة لتطوير السلوكيات المازوخية.

أعراض اضطراب الشخصية المازوخية:

تتعدد أعراض اضطراب الشخصية المازوخية لتشمل أعراض سلوكية وعاطفية وجسدية، وهي تأتي كما يلي:

الأعراض السلوكية:

  • السعي المستمر إلى العلاقات المؤذية: المازوخيين دائمًا يفضلون العلاقات السامة ويقومون بتخريب العلاقات الناجحة.
  • التطوع للأعمال الشاقة والمؤلمة: هؤلاء الاشخاص يعملون بشكل مفرط بلا كلل أو ملل حتى يصلوا إلى حد الإرهاق.
  • التضحية بالنفس بشكل مفرط: الأشخاص المصابون بالمازوخية دائمًا يجدون لذتهم في تحمل الآلام والتضحيات المستمرة.
  • الخضوع المفرط: يميلون إلى الاستسلام بسهولة في العلاقات ويحبون السيطرة عليهم بشكل كامل.

الأعراض العاطفية:

  • الشعور بالذنب والاستحقاق للعقاب: لا يستطيعون التمتع بحياتهم بشكل طبيعي بسبب شعورهم الدائم بالذنب والخجل، وهي من الصفات الأساسية في الشخصية المازوخية
  • انعدام الثقة بالنفس: أحلامه تظل مجرد أحلام بسبب قلة ثقته بنفسه، فيجد دائماً مبررات لتأجيل تحقيقها.
  • الحزن والاكتئاب: الشخص المازوخي حتى في لحظات سعادته، يبحث عن أي شيء سلبي ليحبط نفسه.
  • الخوف من الرفض: المازوخي دائمًا يشعر بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه، فيسعى جاهداً لإرضاء الآخرين.
  • الشعور بالوحدة والعزلة: يجد الشخص المازوخي صعوبة في طلب المساعدة من الآخرين، حتى من أقرب الناس إليه، ويفضل الانعزال والوحدة.

الأعراض الجسدية:

  • الأرق واضطرابات النوم: يعاني الأشخاص المازوخين من اضطرابات النوم، وذلك بسبب التفكير المستمر والضغط النفسي.
  • الصداع وآلام الجسم: هناك ارتباط وثيق بين التعب النفسي والتعب الجسدي، حيث أن الإرهاق والاجهاد الذي يعاني منه المازوخيين يمكن أن يؤدي إلى الإصابة ببعض الآلام.
  • مشاكل الجهاز الهضمي: المصابين باضطراب الشخصية المازوخية يكونوا أكثر عرض للإصابة بالأمراض مثل أمراض القلب وأمراض الجهاز الهضمي.

الآثار الخفية لاضطراب الشخصية المازوخية على الحياة

هناك مجموعة من الآثار السلبية الخفية لاضطراب الشخصية المازوخية، والتي تأتي على النحو التالي:

العلاقات الاجتماعية:

صعوبات في بناء علاقات صحية:

قد يجد الأشخاص المازوخية صعوبة في تكوين علاقات متوازنة، حيث يميلون إلى قبول المعاملة السيئة ويشعرون بعدم الأهلية للحب والتقدير، مما يدفعهم إلى الدخول في علاقات مضطربة ومليئة بالصراعات والمشاكل.

علاقات متسمة بالاعتمادية:

غالبًا ما يكون الأفراد المازوخيون في حاجة ماسة إلى الآخرين للحصول على مطالبهم العاطفية، مما يدفعهم إلى الدخول في علاقات تعتمد على السيطرة والتبعية، ويجعلهم غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم.

عزلة اجتماعية:

قد يعزل الأشخاص المازوخيون أنفسهم عن الآخرين بسبب عدم قدرتهم على بناء علاقات صحية وخوفهم من الحكم عليهم، هذه العزلة الاجتماعية تساهم في تفاقم أعراض اضطرابهم.

الحياة المهنية:

صعوبة في تحقيق الأهداف:

يحاصر هؤلاء الأفراد دائرة من الشكوك حول قدراتهم، مما يجعلهم عاجزين عن وضع خطط واضحة للمستقبل وتنفيذها بفعالية.

صعوبة في التعبير عن الاحتياجات:

يتجنب الشخص المازوخي التعبير عن احتياجاته خوفًا من إزعاج الآخرين أو التعرض للرفض، مما يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية داخله.

انخفاض مستوى الإنتاجية:

يستنزف القلق والشك الذاتي طاقة الأفراد المصابين بهذا الإضطراب ويشتت تركيزهم، مما يؤثر سلبًا على أدائهم في العمل ويجعلهم يتجنبون تحمل المسؤوليات.

الصحة الجسدية والنفسية:

الاكتئاب والقلق:

يؤدي تراكم المشاعر السلبية والانغماس في الألم النفسي إلى تفاقم الاكتئاب والقلق لدى الأفراد المازوخيين، مما يعيق قدرتهم على العيش حياة طبيعية.

مشاكل النوم:

يؤدي التوتر المستمر والضغوط النفسية إلى اضطرابات في النوم، مثل الأرق والاستيقاظ المتكرر، مما يزيد من إرهاقهم الجسدي والنفسي.

الأمراض الجسدية المزمنة:

يؤدي الإجهاد المزمن الناجم عن المازوخية إلى ضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بأمراض مثل القلب واضطرابات الجهاز الهضمي.

زيادة خطر الإدمان:

يلجأ بعض المازوخيين إلى الإدمان كطريقة للهروب من معاناتهم النفسية، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكلهم.

ما هي أنواع المازوخية؟

تتعدد أنواع المازوخية وتتضمن ما يلي:

1. المازوخية الجنسية (الشهوانية):

تتمثل المازوخية الجنسية في الحصول على اللذة الجنسية من خلال الشعور بالألم أو الإذلال، وقد يلجأ الأفراد المازوخيين إلى استخدام طرق معينة، مثل التعرض للضرب، الإهانة، التقييد، أو استخدام مواد إباحية ذات طابع عنيف، بالإضافة إلى تخيلات جنسية عنيفة.

2. المازوخية العاطفية:

المازوخية العاطفية تعتمد على الألم، حيث يجد الفرد متعته في المعاناة سواء كانت جسدية أو نفسية، ويستخدم المازوخي العاطفي الألم كأداة للتكفير عن ذنوبه، أو لتخفيف حدة مشاعر إيجابية قد يشعر بالذنب تجاهها، أو كوسيلة لتغيير حالته العاطفية.

3. المازوخية التكيفية:

وهي على عكس المفهوم الشائع عن المازوخية، فإن المازوخية التكيفية هي قوة إيجابية تمكن الفرد من تحقيق النجاح وتحقيق أهدافه.

4. المازوخية الاجتماعية:

تتمثل المازوخية الاجتماعية في سلوك الأفراد الذين يختارون المواقف والأشخاص الذين يتسببون لهم في الألم النفسي، معتقدين أن هذا الألم يعزز هويتهم أو قيمتهم الذاتية.

5. المازوخية الروحية:

يرى الأفراد المازوخيون روحياً أن الألم هو المدخل إلى المعبد الروحي، فهم يميلون إلى التضحية والابتعاد عن الملذات الدنيوية لتحقيق أهدافهم الروحية.

كيفية تشخيص اضطراب الشخصية المازوخية؟

المعايير التشخيصية: للوصول إلى تشخيص دقيق لحالة المازوخية يقوم الطبيب بجمع معلومات شاملة عن المريض، بدءًا من تاريخه المرضي وصولاً إلى عادات حياته اليومية، بالإضافة إلى إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لتقييم حالته الصحية العامة.

وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يتم تشخيص اضطراب المازوخية الجنسية بناءً على مجموعة من المعايير المحددة، وهي:

  • الاستثارة الجنسية المرتبطة بالألم: يرتبط شعور الشخص بالإثارة الجنسية بشكل حصري بأفعال عنيفة أو مؤلمة.
  • التأثير على الحياة اليومية: تؤثر هذه الأفعال سلبًا على حياة الشخص العملية والاجتماعية.
  • الاستمرارية: تستمر هذه الحالة لمدة ستة أشهر على الأقل.

الأدوات المستخدمة في التشخيص: يتم استخدام اختبار المازوخية، وهو أداة تقييم تستخدم كـ وسيلة لقياس مستوى السمات الشخصية المرتبطة بالاستمتاع بالألم والمعاناة، مثل التضحية بالنفس والبحث عن العقاب.

أهمية التشخيص المبكر: التشخيص المبكر للأمراض والاضطرابات يوفر فرصة أكبر للتدخل العلاجي الفعال، خاصة وأن العديد من هذه الحالات يمكن التعرف عليها بسهولة.

وفي النهاية، فإن اضطراب الشخصية المازوخية هو حالة معقدة تتطلب علاجًا متخصصًا يتضمن خطة علاجية شاملة من علاج نفسي وسلوكي وعلاج دوائي، هذا بالإضافة إلى ضرورة وجود الدعم والبيئة المناسبة، لذلك إذا كان أحد أفراد أسرتك يعاني من هذا الاضطراب لا تتردد في طلب المساعدة، فنحن في مستشفى حريتي متواجدين من أجل المساعدة.

الأسئلة الشائعة

تتعدد العوامل المؤدية إلى المازوخية، حيث تشمل إساءة معاملة الأطفال، والصراعات الأسرية، والتاريخ العائلي للأمراض النفسية، وغالبًا ما يظهر هذا الاضطراب في بداية مرحلة البلوغ.
الرجل الذي يحب العنف الجنسي يسمي الرجل المازوخي، وهو يميل إلى المعاناة والإذلال في العلاقات الجنسية حتي يحصل على متعته الكاملة.
هناك مجموعة من المخاطر الصحية التي تنتج بسبب اضطراب الشخصية المازوخية، ومنها الاكتئاب والقلق، ومشاكل في النوم، يكون هذا الشخص أكثر عرضة لإدمان المواد المخدرة، بالإضافة إلى الإصابة ببعض الأمراض الجسدية المزمنة، مثل أمراض القلب والجهاز الهضمي.
نعم، الشفاء من المازوخية أمر ممكن، ولكنه يتطلب وقتًا وإرادة قوية، فإذا كانت هذه الحالة تؤثر على جوانب حياتك اليومية، فإن العلاج النفسي هو الحل، فمن خلاله يمكنك استكشاف الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك وتعلم مهارات صحية جديدة لإدارة مشاعرك وتجاوز هذا الشعور.
الشخصية المازوخية هي التي تستمتع بالألم والمعاناة، سواء كان ذلك جسديًا أو نفسيًا، و الشخص المازوخي غالبًا ما يجذب إليه المواقف الصعبة والعلاقات المؤذية، ويشعر بالراحة والنشوة من خلال هذه الأشياء، وتنعدم لديه الثقة بالنفس وقيمة الذات، بينما الشخصية القوية هو شخص يتمتع بالصبر وقوة التحمل ومواجهة الصعوبات والتحديات، كما أنه يثق في نفسه كثيرًا ويكون قادر على اتخاذ أي قرار بعكس الشخصية المازوخية.
دور الأهل والأصدقاء مهم جدًا في رحلة العلاج، حيث أن المريض يحصل على الدعم من خلالهم، ووجودهم يساعد على تعزيز ثقته بنفسه، فواجب عليهم تقديم الدعم للمريض والتحدث معه بشكل صريح وعدم توجيه أي انتقادات له، وأهم دور هو تشجيعه بشكل مستمر على العلاج.

آخر تحديث: 23 نوفمبر، 2024


المؤلف / آية جمال، (MC, Med Journ)

مقالات ذات الصلة

تواصل بسرية